زراعة التبغ شجون وهموم
تعتبر زراعة التبغ واحدة من الزراعات القديمة جداً في الساحل السوري التي تعود إلى مئات السنين، وتشكل حالياً محصولاً استراتيجياً رئيسياً يعتمد عليه أهالي المنطقة كمصدر أساسي للدخل، إلا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج وتحديد مؤسسة التبغ لأسعار أقل من القيمة السوقية حرم مزارعي هذا المحصول من تحقيق الأرباح التي تحقق اكتفاء ذاتيا لهم في ظل انشغالهم طوال الموسم بهذا العمل.
وتعتمد زراعة التبغ التي تنتشر في قرى الساحل السوري المرتفعة على العمل اليدوي الجماعي في معظم مراحلها، وتمتدّ زراعتها والعناية بها لأشهر طويلة، تبدأ بتجهيز المشاتل (المساكب)، خلال شهري كانون الثاني وشباط ثم رش البذار وتغطيتها بالنايلون المدعّم بالأغصان المرنة لحمايتها من الأمطار الغزيرة ثم سقايتها ورعايتها بالأسمدة ووضعها نهاية على مناشر وتجفيفها وبيع أوراقها في فصل الصيف.
والعام الماضي اشتكى مزارعو التبغ من تراجع كمية ونوعية الإنتاج، بسبب الظروف الجوية القاسية التي شهدها الموسم في العام الماضي من جهة، وارتفاع كلفة مستلزمات الإنتاج من جهة أخرى، الأمر الذي سبب خسائر جمة لمزارعي التبغ، في حين أثارت الأسعار التي طرحتها مؤسسة التبغ معظم المزارعين في هذه المهنة معتبرين أنها غير مناسبة.
الجهات الحكومية حددت تسعيرة شراء الكيلوغرام الواحد من التبغ بحسب أصنافه، حيث بلغ سعر «تنباك 24000 ليرة، برلي 23000 ل. س/كغ، فرجينيا 24000 ل. س/كغ، بصما 32000 ل. س/كغ، بريليب 28000 ل.وحول هذه الأسعار يقول المزارعون انها لا تتناسب أبدا مع تكاليف الزراعة التي ارتفعت إلى أكثر من الضعف.
اليوم زراعة التبغ تواجه منعطفا اساسيا في تطورها تحكمه عدة عوامل فبعد عقود من الاحتكار وسنوات من شكاوى مزارعي التبغ السوريين من الإجحاف في الأسعار التي تحددها الحكومة لشراء محاصيلهم، صدر مرسوم رئاسي يجيز للقطاع الخاص الاستثمار في صناعة التبغ وشرائه؛ بهدف «تصنيعه وتسويقه مصنّعاً». حيث فتح الباب أمام القطاع الخاص للدخول في استثمار التبغ الذي سيتم «بشكل محوكم ومدروس ومخطط»، و المرسوم سيحقق الفائدة للمزارعين كما يحقق تطويراً لهذه الصناعة عبر «خلق بيئة تنافسية محوكمة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق».
العامل الثاني ارتفاع تكاليف الانتاج من سماد وشتول وسقاية ويد عاملة عدة اضعاف بالمقارنة مع العام الماضي مما شكل عبئا كبيرا على المزارع.
العامل الاهم ارتفاع سعر التبغ في الاسواق السوداء حيث يبلغ اكثر من ستة اضعاف السعر الرسمي!
اليوم سعر باكيت الدخان الواحدة من الحمراء يتجاوز 6000 ليرة هل يعقل أن سعر اربع بواكي مثلا يعادل كيلو دخان!
ونظرا للأهمية الاقتصادية الكبيرة لمحصول التبغ في سورية, والذي يعد من أهم المحاصيل الزراعية الاستراتيجية لقدرته على تخفيف الاستيراد وجلب القطع الاجنبي، يجب زيادة الاهتمام بزراعة التبغ عبر استراتيجية تركز على عدة محاور المحور الاول يركز على زيادة المساحات المزروعة من خلال تقديم كامل الدعم للمزارعين بهدف رفع الانتاج , المحور الثاني يركز على ضرورة خفض التكاليف عبر زيادة دور المصرف التعاوني الزراعي في تأمين مستلزمات الانتاج والتمويل والمحور الثالث والاهم قوننة وضع المحاصيل بشكل عادل للمزارعين والحكومة عبر الزام المزارعين ببيع جزء من انتاجهم مثلا للحكومة بسعر مخفض والسماح لهم ببيع الانتاج المتبقي بسعر السوق للقطاع الخاص وزيادة التركيز على تصنيع كامل إنتاج القطر من الأنواع المختلفة بالمواصفات العالمية نظرا" للقيمة المضافة الكبيرة وحاجة الأسواق العربية و الإقليمية و العالمية المتزايدة للتبغ.