التعليم يستنزف الأسرة السورية ويرهق الحكومة في آن واحد
خلال أعوام سبقت كان التعليم في سورية أيقونة يتغنى بها من خلال سياسة حكومية استمرت لعدة عقود ركزت على
مجانية وشبه مجانية التعليم ما قبل الجامعي وتخفيض تكاليف التعليم الجامعي مقارنة مع كافة الدول حيث تقتصر التكاليف على بعض الرسوم البسيطة وعملت الحكومة على توفير البنية التحتية من جامعات ومدارس ومعاهد فنية ومخابر ومراكز بحثية على مستوى عال.
وكانت النتيجة المستوى العالي للخريجين السوريين وللأساتذة السوريين في المدارس والجامعات والجدارة التي أثبتوها في المحافل العلمية العالمية.
اليوم يجمع كافة اطراف العملية التعليمة بشكل أو بآخر بتراجع كفاءة الانفاق على التعليم المستدل عليه من تراجع جودة العملية التعليمية في المدارس السورية ولكي نفهم جوهر المشكلة حاولنا رؤيتها بعيون كافة الاطراف من معلمين واهالي وحكومة.
المعلمون يقولون ان سبب انخفاض المستوى التعليمي في المدارس يعود إلى نقص الموارد وعدم كفاية دخل المعلم حيث يفتقر المعلّمون في معظم مناطق سوريا إلى الموارد الماديّة والماليّة التي يحتاجونها للتدريس بفعاليّة، وغالبًا ما يصعب عليهم تلبية حتى الاحتياجات الأساسيّة لعائلاتهم. هذا النقص في الاستقرار والموارد يجعل من الصعب على المعلّمين التركيز على عملهم، كما أنه يؤدي إلى تدهور في جودة التعليم. ويضطر العديد من المعلّمين إلى الدروس الخصوصية أو ترك المهنة والبحث عن وظائف أخرى، مما يؤدي إلى عجز المدارس عن توفير التعليم .
الاهالي يقولون ان تكاليف التعليم ارتفعت بشكل مخيف بالرغم من عدم تعديل الرسوم في الجامعات الحكومية واستمرار مجانية التعليم في المدارس الحكومية نتيجة ارتفاع تكاليف النقل بحوالي عشرة أضعاف فمثلا الطالب الذي ينتقل من خارج مراكز الجامعات يحتاج لحوالي 150000 ليرة سورية تكلفة نقل شهريا.
ايضا" نتيجة انخفاض جودة ونوعية التعليم في المدارس تجبر الاسر على الدروس الخصوصية وهنا الطامة الكبرى حيث تبلغ تكاليف الدروس الخصوصية خاصة لطلاب شهادتي الثانوية والتعليم الاساسي بين 2000000 – 3000000 ليرة سنويا للولد الواحد أي بمعدل 200000 شهريا وهو ما يوازي دخل بعض الاسر تقريبا!
الحكومة تقول عبر تصريحات المعنيين ان تكاليف التعليم تستنزف وترهق الموازنة العامة بشكل مخيف ولنكن واقعيين هذه حقيقة ولا أعتقد ان بلدا في العالم يتبنى النظام التعليمي كسورية .
اليوم لنلخص المشكلة في عدة جوانب: المدرس يريد حافزا ليغطي معيشته لا تستطيع الحكومة اعطائه فيجده في الدروس الخصوصية وهو ما يضعف اداءه ضمن المدارس بشكل ينعكس في تدني جودة التعليم ويجبر الاسر للاتجاه نحو الدروس الخصوصية مما يرهق الاسرة ماديا ويضعف كفاءة الانفاق الحكومي على التعليم
إذا ما الحل ؟
بداية هناك مسلمات اساسية وهي رفض خصخصة المؤسسات الحكومية ورفض تعديل سياسة دعم التعليم وإنما العمل على رفع كفاءة الانفاق على التعليم من خلال السماح للقطاع الخاص بالإدارة وفق شروط وسياسات الحكومة.
حيث يتولى القطاع الخاص ادارة المؤسسات التعليمية (المدارس ) بشكل غير احتكاري لضمان المنافسة مع الحفاظ على الكوادر التعليمية القائمة او احالة البعض للتقاعد ضمن نفس الشروط الموضوعية ومن ثم توزيع "كوبونات" على الطلاب غير القادرين ليتمتعوا بحرية الاختيار بين المدارس العامة والخاصة التي يرغبون في الالتحاق بها. ونظرا لأن الموارد العامة أصبحت تذهب مباشرة إلى الطلاب سوف تزداد المنافسة بين المدارس لاستقطابهم بتحسين أداء المدرسة ونوعية التعليم بها من جهة وتحسين دخول المدرسين والابتعاد عن الدروس الخصوصية من جهة ثانية.
إذا نجحنا في تطبيق تلك الخطوات سنتمكن من رفع كفاءة التعليم والانفاق التعليمي في عدة محاور أولها تحسين المستوى المعيشي للكادر التعليمي ومن ثم رفع سوية العملية التعليمية في المدارس، وثانيها تحسين الخدمات المدرسية كالمخابر والشروط الصحية واخيرا" الابتعاد عن فكرة رفع الدعم عن التعليم حفظ مكتسبات الطبقة الفقيرة التي منحتها اياها الحركة التصحيحية بقيادة القائد المؤسس حافظ الاسد ومن ثم السيد الرئيس بشار الاسد.