"تشابه الأسماء"وكم من بريء حمل وزر من شابه اسمه.. قضية تنتظر اعتماد الرقم الوطني

"تشابه الأسماء"وكم من بريء حمل وزر من شابه اسمه.. قضية تنتظر اعتماد الرقم الوطني

لم تكن تعلم "هناء" ما ينتظرها عند نقطة العبور على الحدود مع لبنان عندما تم إيقافها ومنعها من مغادرة الحدود بسبب تشابه اسمها مع موظفة تحمل ذات الاسم ممنوعة من السفر لعدم حصولها على موافقة المغادرة من قبل وزارتها لتعود أدراجها متكبدة خسائر مادية ونفسية بسبب هذا الإجراء، الأمر ذاته واجه "علي" طالب طب الأسنان الذي أوقف في مطار دمشق لتشابه الأسماء مع شخص مطلوب لجهة أمنية بالرغم من اختلاف تاريخ الميلاد، ليسارع لاستكمال وثائق تبرز أنه الشخص الخطأ، ويحل الأمر قبل موعد إقلاع طائرته إلى أوكرانيا، أما ما واجهه "أحمد" رجل الأعمال ابن محافظة اللاذقية من تشابه اسمه مع مطلوب من محافظة الحسكة وأمر الحجز الاحتياطي على أملاكه، ووصوله التبليغ يوم الخميس قبل العطلة الأسبوعية جرّ عليه الخسائر وتعطيل أعماله لحين التقصي وتقديم الإثباتات أنه غير الشخص المطلوب.

حوادث كثيرة تتكرر باستمرار يتعرض لها العديد من الأشخاص جراء تشابه الأسماء، مع عدم تقيد الجهة الطالبة بالإجراءات والقوانين المتبعة في مثل هذه القضايا، ودون النظر بالضرر الذي قد يلحق بمن تشابه اسمه مع شخص مطلوب، علماً أنه من النادر التشابه الكامل بالاسم الثلاثي واسم الأم وتاريخ الميلاد ومكان القيد والأهم الرقم الوطني الذي من المفروض أن يكون كالبصمة التي لا تتكرر، وأن يكون أول ما يتم التحقق منه.


وللوقوف على هذه القضية وما يتعلق بها، كان للمشهد لقاء مع المحامي الأستاذ "شيراز سلمان محفوض" ممثل إدارة قضايا الدولة، ولتطرح عليه الأسئلة التالية:

* حبذا لو تعطي القارىء لمحة عن مسألة تشابه الأسماء في الميدان القضائي كونها من المسائل التي يترتب عليها العديد من الآثار السلبية على الشخص الخطأ في حال تعرضه لهذا الموقف؟
من المعلوم أن القانون من حيث المبدأ يكفل للمواطن حريته وحقوقه ويمنع ملاحقته جزائياً أو مدنياً بصورة غير مشروعة، حيث نص القانون: "لا جريمة ولا عقوبة ولا ملاحقة إلا بنص قانوني صريح يجيز ذلك"،لكن قد يتعرض الفرد لبعض الحالات الإجرائية والقانونية تضعه موضع الشبهة والملاحقة القضائية أو الأمنية دون أن يكون قد ارتكب مخالفة لأحكام القوانين النافذة، ولعل من أبرز هذه الحالات هي مسألة تشابه الأسماء بين اسم شخص قد ارتكب جرماً أو مخالفة قانونية وبين شخص آخر يحمل ذات الاسم، حيث يتم تعميم الاسم الثلاثي للشخص المطلوب بناء على حكم قضائي أو مذكرة قضائية أو إذاعة بحث، وهذا الأمر يَستتبع نشوء حالات لملاحقة شخص آخر لا علاقة له بالفعل موضوع الملاحقة لمجرد تطابق اسمه وبعض بياناته مع اسم المطلوب،
وهذه المسألة لخطورتها تتطلب المعالجة الفورية والسريعة لما لها من أضرار معنوية ومادية على الشخص الخطأ، حيث يترتب على هذه المشكلة أحياناً توقيف وحجز حرية شخص بريء، أو حرمانه من حقه بالقيام بتصرف قانوني معين هو حق له كونه لم يرتكب مايستوجب التجريم.


*ماهي أبرز الأمثلة والحالات المتعلقة بمسألة تشابه الأسماء؟
تتعدد الحالات المتعلقة بهذه المسألة لأن جميع الأحكام القضائية والمعاملات القانونية إنما تستند إلى الاسم الشخصي لصاحب العلاقة، لذلك فإن هذه الإشكالية ليست حكراً على مجال واحد،
فنراها في معاملات البيع والشراء حيث تتطلب هذه المعاملات الحصول على موافقات أمنية والتي تعود مقترنة بالرفض أحياناً إذا كان أحد الطرفين يتطابق اسمه مع اسم شخص مطلوب أمنياً أو قضائياً،
كذلك تظهر بشكل جلي في ميدان تنفيذ الأحكام القضائية إذ قد تحتجز حرية شخص بريء تنفيذاً لحكم قضائي صادر بحق شخص آخر لمجرد تطابق الاسم وبعض البيانات مع اسم المحكوم عليه، كما تظهر أيضاً في قرارات السادة القضاة الصادرة في غرفة المذاكرة أو أثناء سير الدعوى وقبل الفصل فيها كقرارات الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة، أو قرار منع سفر شخص ما خارج البلاد، فعندما توضع هذه القرارات موضع التنفيذ الفعلي دون التدقيق في البيانات الشخصية فإنها قد تصيب شخصاً بريئاً لا ذنب له، وبالتالي تلحق به أذى معنوياً وأحياناً مادياً لا مبرر له.

*لماذا لايتم اعتماد الرقم الوطني لحل مشكلة تشابه الأسماء، وماهي الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الصدد؟
سابقاً كان يتم الاعتماد على الاسم الثلاثي وبعض البيانات الشخصية لإذاعة البحث عن المطلوبين أو القيام بإجراء قانوني ما،
لكن -كما أسفلنا- خلق ذلك مشكلة ملاحقة الأشخاص الخطأ لعلة تشابه أسمائهم مع أسماء المطلوبين، وهنا برزت أهمية الاعتماد على الرقم الوطني كحل نهائي وجذري لهذه المشكلة كونه لايتصور تكرار هذا الرقم بين الأفراد، حيث يختص كل مواطن برقم وطني مميز لايتكرر لدى غيره، ولهذا اتجهت الجهات المعنية لتبني الرقم الوطني كمعيار حاسم لمشكلة تشابه الأسماء، حيث أصدرت وزارة العدل تعميماً يحمل الرقم 20 لعام 2021 جاء في محتواه الطلب من السادة القضاة والمساعدين العدليين استيفاء البيانات الشخصية الكاملة والمتعلقة بالمدعى عليهم والموقوفين والمحكومين وبشكل خاص التركيز على الرقم الوطني وتضمينه خلاصات الأحكام القضائية وإذاعات البحث، وقد تم تأييد هذا التوجه بتعميم آخر من وزارة الداخلية صدر بتاريخ 6/3/2021 والذي ألزم عناصر الشرطة بذكر كامل مفصل هوية المطلوبين وعلى الأخص الرقم الوطني عند تنظيمهم للضبوط وإذاعات البحث،
كما تم إلغاء كل الطلبات غير المقترنة بموافقة القضاء، وأصبحث هذه الموافقة شرطاً، بالتالي كل مذكرة لا تقترن بالموافقة القضائية يوقف العمل بها.


* لماذا تتكرر هذه الحالات بوجود القوانين والتعاميم الناظمة؟
إن سبب تكرار مثل هذه الحالات رغم وجود التعاميم السابقة التي تلزم المعنيين بالتدقيق على البيانات الشخصية للأفراد منعاً من أن تقع المسؤولية على عاتق شخص بريء هو الارتجالية من بعض العناصر والجهات الأمنية في تقصي وتحري هوية الأفراد، إذ شكلت التعاميم إطاراً توجيهياً للتعامل مع هذه المواقف، لكن لم يتم الالتزام بها على وجه الدقة، بالتالي يمكن القول أن مشكلة تشابه الأسماء هي مشكلة إجرائية تنفيذية أكثر منها مشكلة قانونية.

* ما هي الحلول المقترحة من وجهة نظرك كجهة قانونية لتدارك هذا الأمر؟
لابد لطي صفحة هذه المشكلة نهائياً من عدم الاكتفاء بالتعاميم الصادرة لأنها لا تنزل منزلة القانون، وتترك هامشاً اختيارياً يسمح بعدم التقيد بها، بل لابد من سن نصوص قانونية تتصف بالصفة الإلزامية لعناصر الشرطة بأن يوردوا شرحاً بأنه تم المقارنة والتثبت من صحة هوية الشخص ودراسة بياناته كاملة بمافيها رقمه الوطني. بحيث يمنع على الجهات المعنية القيام بعمليات التوقيف أو حجز الحرية، أو تنفيذ قرار قضائي ما كالحجز الاحتياطي مثلاً قبل إيراد شرح يثبت اتباع التعليمات ذات الصلة.


بالمحصلة تبقى مسألة تشابه الأسماء قضية شائعة بحوادث تتكرر بشكل يلحق الضرر بأشخاص لا علاقة لهم بما قام به من حَمَل نفس الاسم بالصدفة من مخالفة وجرم، ليُفتح الباب على ضرورة اعتماد الرقم الوطني المنصوص عليه والتقيد به بشكل فوري وجدّي.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر