الهجرة للخارج .. كابوس للوطن والمواطن

الهجرة للخارج .. كابوس للوطن والمواطن

تزداد الطوابير أمام مراكز الهجرة والجوازات يوماً بعد يوم بشكل بات ظاهرة ملفتة للانتباه والدراسة والتحليل.

سورية شهدت خلال سنوات الأزمة ظاهرة هجرة الشباب والكفاءات إلى الخارج وكانت الأسباب تنحصر في ما يلي:

الخدمة العسكرية والاحتياطية الغير محددة بالنسبة لفئة الشباب.

الوضع الساخن في بعض المحافظات السورية.

تراجع الاوضاع المعيشية والاقتصادية وقد كان آخر العوامل. 

وبعد عودة الهدوء إلى أغاب المناطق وتسريح غالبية الاحتياطيين وتخفيف قيود الخدمة الاحتياطية لم تعد الخدمة العسكرية والاحتياطية دافعاً لهجرة الشباب فقد أصبح الوضع آمناً في أغلب المناطق السورية.

العامل الاقتصادي وانخفاض سعر الصرف هو السبب في هجرة فئة كبيرة نحو الخارج إن كان باتجاه اوروبا او اربيل وكردستان وحتى الصومال فتقاضي راتب زهيد جداً يصل لحد 400 دولار مثلاً يعتبر ممتازاً للمواطن السوري.

الخلاصة إذا أردنا تحليل الاسباب أو التحديات نجد: 

التحدي الأول :الشاب السوري سواء كان خريجاً جامعياً أو ثانوياً كوافد جديد إلى سوق العمل إذا كان من فئة الأطباء أو المهندسين والمحامين و... يحتاج إلى مكتب يبلغ سعره على الاقل في ضواحي البلدات 30 مليون ليرة سورية وإذا تمكن من تجاوز المعضلة الاولى يدخل في مشكلة التجهيزات خاصة للأطباء فطبيب القلبية مثلا" يحتاج تجهيزات لا تقل عن خمسين مليون ليرة سورية.

التحدي الثاني : الشاب السوري الراغب بالزواج بداية يحتاج لمنزل سعره بالحد الادنى في الضواحي او الارياف خمسين مليون ويحتاج تجهيزات بحوالي عشرة ملايين ليصبح جاهزاً للمعيشة فإذا افترضنا المواطن موظفاً بسقف الفئة الاولى يحتاج حوالي 31 سنة من العمل ليجهز المنزل أو إذا كان منزل مؤجر يحتاج حوالي ستة سنوات مع عدم القدرة على دفع الايجار.

وهنا يجد الشاب نفسه في حالة عجز تام ويستسهل طريق السفر لاختصار سنوات عمره.

الحكومة في وضع صعب جداً فهي لا تستطيع تقديم حل للشباب في ظل ظروف الحصار والعقوبات وسرقة النفط السوري من قبل الاحتلال الامريكي 

ولكن مغادرة البلاد بهذا الشكل غير المدروس خاصة لفئة الاطباء والكوادر المهنية النوعية التي انفقت عليها الحكومة الملايين في ميادين التعليم والتدريب والتأهيل سيؤدي إلى مشاكل حقيقية وبدأت الارقام بالظهور في أزمة أطباء التخدير والاشعة والطوارئ وبعض الاختصاصات المهنية الدقيقة.

كما أن مغادرة فئة من رجال الاعمال خاصة باتجاه مصر سيؤدي إلى حصول اختناقات لبعض المواد وهنا برأيي الحكومة كانت قادرة على فعل شئ ما يدفع هؤلاء التجار للبقاء بالوطن خاصة انهم لم يغادروا في اقسى لحظات الحرب.

خلاصة القول الجميع يتصرف بمنطق غريزة البقاء والصمود والاستمرار والجميع يعمل من منظور مصلحته في اتجاه واحد : فالمهاجرون اضطروا لتناسي ما انفقته الحكومة عليهم تحت وطأة الظروف وغادروا البلد والحكومة تركز على استمرار تدفق السلع والخدمات للمواطنين ضاربة بعرض الحائط ما يلحق بالتجار والصناعيين من خسائر لقاء ذلك والصناعيون والتجار يحاولون تهريب اموالهم للخارج ضاربين عرض الحائط بالمصالح الوطنية العليا.

المواطن هو من يدفع الثمن في النهاية فالتاجر أو الصناعي عندما لا تعجبه ظروف العمل يغادر بأقل الخسائر أما مغادرة المواطن مكلفة خاصة للكوادر التي انفقت عليها الحكومة الملايين

السؤال هل حقاً لا يوجد حل؟

لنكن واضحين لايوجد حل شامل بانتظار ماستؤل اليه الاوضاع الدولية من أوكرانيا مروراً بالملف النووي الايراني.

ولكن نستطيع العمل على بعض الاجراءات مثلاً حل مشكلة الزواج للشباب يمكن تبني سياسة اقامة تجمعات سكنية جاهزة بنظام الابراج في الضواحي بمساحات معتدلة وتجهيزها بكافة المفروشات وتمويلها عن طريق بلدان صديقة كالصين عبر قرض طويل الاجل بحيث يمكن ان يكون القسط الشهري 30 بالمائة من الاجر مثلاً وهنا نكون حققنا فوائد عدة بمنع الهجرة ورفع الطاقات الانتاجية لشركات القطاع العام وبالتالي خفض التضخم وضمان الدورة الاقتصادية الكاملة.

بالنسبة للصناعة يجب ان تكون العلاقة أكثر شفافية ووضوحاً بين الصناعيين والتجار من جهة والحكومة ممثلة بوزارتي المالية والتجارة الداخلية من جهة ثانية بشكل يحافظ على من تبقى منهم.

أخيراً نقول إن ظاهرة الهجرة ظاهرة خطيرة جداً ستبدأ آثارها بالظهور بعد عدة سنوات من خلال حصول فجوة كبير جداً في سوق العمل خاصة لبعض الاختصاصات النوعية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني