فنانو "تموز": مستمرون.. لكننا نفتقد أبسط مقومات الحياة

فنانو "تموز": مستمرون.. لكننا نفتقد أبسط مقومات الحياة

المشهد أونلاين - مجد المحيميد- زينب العيسى

"الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومي" هذا ما قاله بابلو بيكاسو لكن ماذا إذا كان هذا ليس مجرد غبار بل هو الحياة ذاتها، ما الذي يستطيع أن يفعله الفن وسط أكوام من الأزمات المتتابعة؟ كيف ينهض من وحل الضيق المادي ومصاعب الحياة اليومية؟ من أين له بأدوات يصنع منها فناً.. هناك من انكفأ، وهناك من اعتزل، وهناك من ثابر وحاول أن ينهض ولو متعكزاً ليبقى ويستمر.. هذا عدا عن المتلقي الذي انصرف إلى هموم حياته بعيداً عن فن ربما بات رفاهية.

افتتح فندق «جوليا دومنا» في السبع بحرات بدمشق معرض «تموز» للفن التشكيلي في السابعة من مساء يوم الخميس ويستمر حتى الثاني عشر من الشهر المقبل.

ويشارك في المعرض ثمانية فنانين هم سراب الصفدي وعزة حيدر وخزيمة العايد وربى كنج ورهف علّوم ورنيم اللحام وحسن الماغوط ويامن يوسف.

ولقد كان للمشهد حضوره في هذا الافتتاح وقمنا ببعض الحوارات مع عدد من الفنانين المشاركين وكان لنا حديث مع  الفنانة التشكيلية رهف علّوم ولدى سؤالها عن الأعمال التي شاركت فيها قالت: كانت مشاركتي من خلال عمل فني نحتي وحيد مصنوع من القماش عبرت فيه عن الحلم، فتجربتي الفنية تختصر بما يعرف باسم “كونسبت الخوف” ما الذي قد يُحركنا اليوم، وماذا نملك غير الخوف؟. 

وتابعت علّوم: حلمنا أننا طيور حرّة، كان الحلم قد انكسر، فلم نجد أنفسنا أكثر من دواجن جبانة فَزِعة، دواجنَ تُطل برؤوس بليدة وأرجل متشبثة بزوايا خطِرة. 

وتوجه المشهد بالسؤال للفنانة علّوم هل تُعتبر مثل هذه المعارض بداية لعودة الانتعاش للفن بشكل عام والتشكيلي بشكل خاص بعد انحساره خلال فترة الحرب على سورية أم هي مجرد مقدمة للمستقبل؟ 

فأجابت علّوم: إن هذه الفعاليات مجرد محاولات، فعودة الفن لوضعه السابق تحتاج إلى وقت طويل وهذه الفعاليات الفنية هي نوع من العلاج نتيجة ما تعرضنا له خلال فترة الحرب لكون الفن الوسيلة الوحيدة للتعافي.

وأضافت: الفن يتأثر بوضع الحرب التي مررنا بها على مرّ السنوات بشكل لا شعوري فعلى الرغم من محاولاتنا كفنانين تلطيف العمل الفني إلا أن أعمالنا تبقى مشوهة من الداخل.

ومن ناحية حاجة الفن للدعم قالت علّوم: يفترض أن توجد مبادرات تبدأ من المدارس تعمل على تعزيز مفهوم الفن بشكل حقيقي من خلال وجود مناهج تعليمية ومواد مخصصة لدعم الأفكار الفنية في عقول الأجيال القادمة.

كما أشارت إلى ضرورة وجود مشاركات خارجية تدعم التبادل الثقافي ولكن هذه الإمكانية غير متاحة حالياً ومقيدة نتيجة الأوضاع، وأوضحت أنه لا يوجد بيع حالياً للأعمال الفنية وهذا يجعل الفنان بحاجة إلى مهنة أخرى لاستمرار حياته أولاً ثم مسيرته الفنية لاحقاً.

وكان للمشهد وقفة مع الفنانة التشكيلية سراب الصفدي التي قالت: على الرغم من أن الحرب على سورية زادت من انحسار العمل الفني إلا أنه منذ عام ٢٠١٦ قررت مجموعة الفنانين أن تعمل على فكرة النهوض ومتابعة العمل رغم المعاناة التي مرّ بها الشعب السوري وبالفعل تمت إقامة معارض فنية خلال عام ٢٠١٦. 

وأضافت الصفدي: إن الحياة الثقافية والفنية لم تتوقف ولكن تراجعت خلال فترة الحرب وخصوصاً بسبب عدم القدرة المادية على تأمين مستلزمات الفن لكن الحياة ستكمل مسارها رغم كل الظروف.

وعند سؤالها عن رسالتها التي تقدمها من خلال أعمالها الفنية التي تشارك بها بمعرض تموز قالت: إن أعمالي مناصرة للمرأة وأجسد بلوحاتي تفاصيل حياة المرأة وكأنها قصة مرسومة.

وأكدت أن أهم ما يساعد الفنان وحتى أي مواطن سوري على إكمال حياته ومسيرته العملية هو توفير ظروف ملائمة بالحد الأدنى للعيش من ماء وكهرباء كأبسط المقومات الأساسية. 

وأضافت: إن أغلب الفنانين يعمل من العجز فنحن نعمل ولكن غيرنا أضعف من ناحية القدرات المادية وغير قادر على العمل فمن لا يملك أدنى المقومات لإتمام مسيرته من القدرة على الحضور في المعارض إلى القدرة حتى على شراء ألوان قد انكفأ. 

وقالت الصفدي: إن إقامة مثل هذه المعارض أمر غير كافٍ ويفترض أن يوجد دعم مادي حقيقي لكل أنواع الفن سواء للتشكيل أو الشعر أو الأدب.

وكان للمشهد حديث مع الفنان التشكيلي يامن يوسف الذي استهل كلامه بالقول: إن أهم ما أثرت فيه الحرب على سورية الفن، حيث توقفت سوق الفن فحركة شراء الأعمال الفنية توقفت وهذا ما أثر بشكل مادي على الفنانين فالفن رفاهي نوعاً ما وهذه الرفاهية خلال الحرب هي أول ما يختفي وآخر ما يعود.

وعند سؤال يوسف عن رؤيته البصرية في أعماله الفنية المقدمة قال: أعمالي تجسد إنسان اليوم الذي يحمل أكثر من شعور والذي من الصعب أن يتجسد بكلمة واحدة فهو مزيج من الفرح والحزن والاكتئاب والفوضى هو حالة معقدة يصعب اختصارها بكلمة. 

ولدى سؤاله عن أهمية هذه المعارض قال يوسف: إن هذا المعرض والمعارض والفعاليات التي تقام هي طريقة لإعادة اللقاء بين الفنانين وعرض أعمالهم وفتح نقاشات فنية بين بعضهم ومع الآخرين وهذا يؤدي إلى النهوض بالفن واكتساب الخبرات.

ربما الرسالة التي حاول معرض "تموز" إيصالها هي أن العودة إلى الحياة الثقافية تتطلب عودة البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوضع الطبيعي ومعالجة الكثير من تراكم الأزمات المعيشية التي أرهقت الناس فالحرب انتهت ولكن المعاناة لم تنتهِ. 

الحرمان المشقة الحزن المعاناة العبثية الشعور بالصراع المستمر بلا طائل كلها أمور تسيطر على حياة الناس وتغيّب الفعالية الثقافية قسراً، وتبقى هذه الفعاليات جهوداً ورغبات فردية يعلن الفنانون من خلالها أنهم لم يدفنوا.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر