"هيام حموي" في حوار مع "المشهد":سنوات الحرب أضاعت علي إنجاز مشروعي الخاص

"هيام حموي" في حوار مع "المشهد":سنوات الحرب أضاعت علي إنجاز مشروعي الخاص

دمشق - مادلين جليس

على مدى خمسين عاماً، لم تتوقّف أيقونة الصوت العذب هيام حموي عن صوغ الجمال في كلمات تقدّمها لمستمعيها، وماتزال تؤكد أنها ستبقى الباحثة عن الجمال، لتحارب القبح القادم كما أسمته، و على الرغم من حلمها بالعمل الدبلوماسي، إلا أنها اشتغلت للإذاعة، واستخدمت فيها كل دبلوماسية صوتها، لتبق النجمة الأميز في سماء شام FM.

"المشهد" التقت الإعلامية هيام حموي، وكان معها الحوار التالي:

كان حلمك الأول العمل في السلك الدبلوماسي، كيف اتجهت هيام حموي إلى العمل في الإذاعة؟

هناك تشابه بين الأمرين وهو السعي الحقيقي لإظهار وتقديم صورة جميلة عن سورية للجميع، بشكل من الأشكال أظن أنه يمكن أن يتحقق هذا الهدف من خلال العمل في الإذاعة، وبشكل عام مهما كانت طبيعة العمل الذي أقوم به فأنا أحب أن القيام به بإتقان، ولذلك كرّست كلّ جهدي ووقتي للعمل في الإذاعة، دون تشتيت جهدي مع أي شيء آخر، مضيفة: الإتقان هو نفسه الذي يجعلني أكرّس كل ما تعلمته في سنوات دراستي من البحث، لأطبقه في عملي الإذاعي، كما أن وجودي بين ثقافتين دفعني لأن أقدّم الأجمل لكل منهما، على سبيل المثال كان لدي برنامج بعنوان "أغاني ومعاني" كنت أقدّم ترجمة الأغاني الفرنسية ذات المعاني الجميلة التي تحمل فكرا وأخلاقيات، والتي كانت بمجملها من الأغاني ذات الأصول الشعرية الراقية.

ما الفرق بين عملك في إذاعة مونتي كارلو، وعملك في إذاعة شام FM، كيف تجدين الفرق في المحتوى الذي يقدّم؟

حين بدأت من إذاعة دمشق، القسم الفرنسي، كان التوجه إلى العالم الغربي الناطق باللغة الفرنسية، في حين كان البث في إذاعه مونتي كارلو موجّهاً باللغة العربية إلى الجمهور في الشرق الأوسط، أما في إذاعة الشرق فقد كان موجها للعرب في المغتربات لوصلهم مع بلادهم، وفي الوقت ذاته لجمهور الشرق الأوسط، الآن من خلال العمل في إذاعة شام FM أنا أتوّجه لسورية وأيضا للسوريين في بلدان الإغتراب بفضل تقنيات التواصل الحديثة، ومسؤوليتي هنا تكمن في ربط المغتربين بالوطن والتذكير بكل ما هو جميل فيه، وخاصة أنني أستمد هذا الجمال من سوريا ومن أهلها وطبيعتها.

إذا أردنا إحصاء عدد البرامج التي قدّمتها هيام حموي في الإذاعة خلال مسيرتها، هل تذكرين كم برنامج قدمتِ إلى الآن؟

عندما تركت العمل في إذاعة الشرق، وكان قد مضى على عمري المهني حوالي 35 عاما، طُلب منّي حينها أن أكتب أسماء البرامج التي قدّمتها خلال تلك الفترة، وقد تمكنت من تذكّر 50 برنامجاً من إعدادي وتقديمي، طبعا ارتفع الرقم بشكل ملحوظ من خلال وجودي في إذاعة شام FM.

المعروف عن هيام حموي سعيها الدائم إلى تقديم الجميل في كل شيء، حتى قيل أنّها تجمّل كل شيء، ما السبب وراء ذلك؟

 السبب ليس طرح الواقع أو تجميل الأشياء، إنما الوعي بالمضمون الذي سيقدّم من خلال هذا الخطاب أو المحتوى، ومدى فائدته للمستمع ، أذكر عندما كنت أعمل في إذاعه الشرق، وأقيمَ حينها مهرجان الأغنية السورية في حلب، وفي كل حدث أو نشاط أو مهرجان، لا يخلو الأمر من حدوث تأخير أو هفوات أو أخطاء بسيطة، ما رأيته أنا في ذلك المهرجان حينها كان حالة ثقافية رائعة جداً، وكنت فخورة بهذا الحدث الذي يقام في مدينة العراقة والأصالة حلب، وعندما ذهبت إلى باريس قدمت برنامجاً تحدثت فيه عن جمال هذا المهرجان، والحالة الثقافية التي تجلت من خلاله، لكن أحدهم انتقدني قائلاً أنني لم أذكر السلبيات من تأخير وأخطاء، فأجبته أن برنامجي موجّه لشريحة واسعة في العالم، وأنا لم أخترع أشياء لم تحدث، كنت أمينة في نقل الجمال، ولم أركز على السلبيات لأنها لا تهم نوعية المستمعين الذي يتابعون بث هذه الإذاعة.

دائما يُسأل الشخص ماذا قدمت للمكان الذي عملت به، اليوم نحن نسأل هيام حموي ماذا قدمت لك المحطات التي عملتِ بها بشكل عام، وشام FM بشكل خاص؟

سورية قدّمت لي كلّ شيء، وكان أكبر تكريم في حياتي، هو أنّني خلقت في سورية، كل الجمال الموجود بداخلي تشربته من سورية، فأنا دمشقية من مواليد حلب، وقضيت عمري متنقلة بين دمشق وحلب، فأينما مررت كنت أرى جمالاً سورياً، وأتذوق هذا الجمال، مضيفة: إذاعة مونتي كارلو أعطتني فرصة الانتشار على مستوى العالم العربي، وأعطتني إمكانية استضافة عدد هائل من كبار المثقفين والفنانين من المحيط إلى الخليج، كلّ مقابلة أجريها كانت تزيدني معلومة وفكرة، و في إذاعة الشرق كانت أجمل الأيام في سنوات التسعينات، تلك التي كنا نقدم بثا مباشراُ من "الاستوديو الزجاجي" في معرض دمشق الدولي، حيث التقيت بكبار فناني سوريا، وأخيرا،عندما التحقت بالعمل في شام FM تبلور كل ذلك على شكل دَيْن جميل أريد أن أرده إلى سورية، عن طريق هذه الإذاعة التي أحببتها وأعطتني سنوات إضافية من المهنة التي لم أشعر أني قد ارتويت من حبها بعد. 

كل شخص بعد مضي فترة طويلة من العمل يشعر بحالة من الملل والاكتفاء، هل تشعر بذلك هيام بعد مرور 50 عاماً على العمل في الإذاعة؟ 

مازال أمامي الكثير لأحققه، سنوات الحرب التي مرّت أضاعت عليّ فرصة إنجاز مشروعي الخاص الذي كنت أحلم به، وهو "متحف الصوت"، الأمر يحتاج لعمل عشر سنوات، وخاصة أنني لا أرغب أن أضيع الأرشيف الكبير لديّ، ولديّ أيضا مشاريع كتابية قديمة لم أنجزها حتى الآن، حينما تعود الحياة طبيعية كما السابق قد أستطيع إكمال هذه المشاريع.

هل ترين أن عمل المذيعين والمذيعات الجدد يتوافق مع المطلوب تقديمه، وخاصة من ناحية انتقاء المحتوى المهم والمفيد للمستمع، وكيف يمكن رفع سوية عمل المذيعين؟ 

هناك حالة استسهال كبيرة للمهنة الإذاعية، فأغلب الإعلاميين الجدد أو المذيعين يهتمون بتحقيق الشهرة فقط، ويغفلون عن المحتوى الذي يقدّمونه بشكل أو بآخر، وهذا ما أحاول أن أشير إليه مع كل من أقوم بتدريبهم، أي ضرورة أن ينتبهوا إلى الكلمة التي تقال، أين ولمن ستقال، وكيف سيكون تأثيرها، وهذا ما أقصده عندما استخدم مصطلح "مسؤولية الكلمة"، لكنني لا ألقي اللوم عليهم بل على الإدارات التي تأخذ المذيع الشاب قبل أن تكتمل فيه العناصر المناسبة، فالمفروض أن يملك المذيع لغة سليمة، وثقافة واسعة، وأن يكون واعيا لكل مادة يريد تقديمها.

مشوار إعلامي طويل، كانت الإذاعة محطته الرئيسية والوحيدة، لمَ لم نرَ هيام حموي على شاشة التلفزيون، في برنامج يشبهها؟

السبب الأوّل أنّني لا أريد لأحد أن يعرف شكلي، كي أظل أشعر بمتعة وحرية الحركة في الحياة اليومية، والثاني هو إمكانية التحكم بمختلف جوانب المادة الإذاعية بينما تخضع المادة التفزيونية للكثير من العناصر وبالتالي الكثير من الآراء، مما يفقدها أحيانا بعضا من تميّز شخصيتها ، كما أن الأمر الذي لا أحبه في التلفزيون هو أنّ أكثر من ثلث المراد إيصاله كمضمون لا يصل، بسبب اهتمام الناس بتفاصيل المظهر كاللباس والشعر والمكياج، أكثر من اهتمامهم بالمحتوى.

ماسبب حكمك على التلفزيون أنه لايقدم رسالة إيجابية، هل ترين ان الإذاعة تقدم هذه الرسالة، وخاصة في ظل انتشار الإذاعات وكثرتها؟

نعم، الإذاعة تقدم رسالة إيجابية وأكثر من التلفزيون، في السابق كانت التلفزيونات معنية بتقديم المفيد، وخاصة عندما كانت رسمية على الرغم من الانتقاد الشديد لجمودها، وكانت تقوم بمهمة الإعلام الرسمي وهو تقديم كل ما هو كلاسيكي ومفيد للجمهور على أوسع نطاق، أما الإعلام التجاري، فعلى الرغم من أنه يتمتّع بحرية أكثر، إلا أن الكلمة العليا فيه تكون لصاحب المال، وفي ظل هذا التطوّر الكبير بمواقع التواصل الاجتماعي.

ما الدور الذي سيبقى للإذاعة برأيك بعد كل ذلك ومارأيك بباقي الإذاعات؟

لا أعتقد أن الإذاعة يمكن أن تتأثر سلبا بفورة التقنيات الحديثة، الدليل أن الكثير من الناس مازالوا ينتظرون سماع بعض البرامج الإذاعية، ومازال الناس يؤسسون إذاعات عبر الإنترنت، ولكن الخوف أن نصل إلى زمن يقوم كل شخص بتأسيس إذاعة خاصة به ويستمع لنفسه فقط، أما بالنسبة للإذاعات الأخرى، فأنا لا أجد وقتا للاستماع إليها لأنني مستمعة دائمة لشام FM ، بحكم إشرافي على محتواها، من أجل الحفاظ على أهمية ونوعية المحتوى المقدّم فيها.

قدمت مع الإعلامية رائدة وقّاف برنامج "مُرّ بي" خلال معرض دمشق الدولي، ما أهمية هذا البرنامج لهيام حموي؟ 

على الرغم من أنّني لا أحب التلفزيون إلا أن هذا البرنامج كان يمثّل الحنين إلى تلك الأيام التي تحدّثت عنها بعملي في إذاعة الشرق، وأيام معرض دمشق الدولي وارتباطه بحفلات فيروز، وكانت تجربة جميلة جداً، وخاصة بوجود الناس حولنا.

ماهو البرنامج الذي رغبت هيام حموي بتقديمه ولم تستطع حتى الآن؟

أرغب بمقابلة سياسيين، لأعرف ما الذي يتغيّر بالشخص بعد دخوله السياسة، أي أن ألمس فيهم الحالة الإنسانية بعيدا عن السياسة، ولكن الوقت الحالي لم يعد يسمح بذلك، و كل الذين قابلتهم أضافوا شيئاً جديداً لأفكاري، وقدموا المفيد الذي أرغب أن يصل للمستمعين. 

مونتي كارلو، والشرق، وشام FM ، في كل محطة من هذه المحطات التي عملت بها كان لديك جمهور خاص بك، كيف تحافظين على جمهورك دائماً؟

أعتقد أنّ بحثي عن الجديد في كل ما أقدمه، أحاول في كثير من الأوقات أن أجمع بين قطبين، وهو الجمال والفائدة، أستمع إلى كل شيء، وأدقق في كل التفاصيل، وأحاول من خلاله تقديم فسحة من الترفيه والمعلومة المفيدة للمستمع.

أكثر من مرة قلت أنك تشعرين أن شام FM عائلتك، وأن الموجودين فيها أولادك، كم من المسؤولية تحملينه للوصول إلى الأفضل؟

مسؤولية كبيرة، لكن ذلك يتوقّف على مدى تقبّلهم، واتباعهم للنصائح، أعترف أن حدوث الأزمة صعّبت المهمة علي، لولاها كنت أستطعت أن أفعل شيئاً مميزاً من خلالهم، لكن ظروف الحرب تجعل كل شخص يتفاعل مع اللأمور بشكل أو بآخر، الظروف الحياتية الصعبة، انقطاع للكهرباء، والمواصلات الصعبة، ومعوقات يومية كثيرة تقف حائلاً في وجه من يريد أن يبدع بشكل أفضل.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر