التحرك داخل الصندوق.. البحث عن "خريبين" الحكومة!

التحرك داخل الصندوق.. البحث عن "خريبين" الحكومة!

نجح المنتخب السوري بالأمس في التأهل إلى الدور الثاني من بطولة كأس امم آسيا لكرة القدم، وهي المرة الأولى في تاريخ مشاركاته، هذا خبر رياضي، مضى عليه يوم تقريباً، ونجاح المنتخب في هذا الانجاز الكبير كان عبر لاعبه عمر خريبين الذي لعب بديلاً في الشوط الثاني، محلل رياضي قال إن هذا الهدف يُسمى هدف خريبين الذي أجاد التحرك داخل الصندوق وسجل من زاوية ضيقة، طبعاً خبرة اللاعب هي التي حسمت الامر رغم ان مدافع الخصم كان يغلق عليه السماحة بشكل شبه تام.

الآن.. لو أجرينا مقارنة بسيطة بين واقع الفريق الوطني لكرة القدم، والفريق الحكومي، سنجد كثير من التشابه، لجهة كثرة الاخفاقات، تحت مقولة تنسب للمعلق الرياضي الراحل عدنان بوظو "هذه حدودنا"، هذه المقولة الحسرة، تصلح لأن تكون عنواناً عريضاً لجميع الاخفاقات وعلى مختلف الاصعدة، طبعا الحكومة الحالية حرفتها لتصبح "هذه إمكانياتناومن خلالها بررت جميع إخفاقاتها.

كل المسؤولين السابقين الذين قابلتهم كانوا يقدمون إجابات شبه متطابقة حول سبب عدم قدرتهم على تحقيق أفكارهم التطويرية والنهضوية!

ثمة عبارة مستهلكة يستخدمها الصحفيون إذا ما أراد أحدهم أن يثني على مسؤول ما، وهي غالباً أقصد العبارة تكون بغرض "تمسيح الجوخ"، فيقال: "هذا المسؤول يفكر من خارج الصندوق"، والحقيقة أن كل المسؤولين يفكرون من خارج الصندوق، لكن إما عندما يغادرون المنصب فيصبحون منظرين إداريين واقتصاديين وخبراء في كل شيء، وإما لتحقيق منافع شخصية فيتحايلون -وهم على رأس عملهم- على القوانين والأنظمة ويطوعونها لمصالح ضيقة، كل المسؤولين السابقين الذين قابلتهم كانوا يقدمون إجابات شبه متطابقة حول سبب عدم قدرتهم على تحقيق أفكارهم التطويرية والنهضوية، أكدوا أن ما منعهم من ذلك سوى القوانين والأنظمة البالية والبيروقراطية، أو في أحسن الأحوال يشير أحدهم إلى واقع الإدارة العامة في المؤسسات الحكومية الذي يحول المسؤول إلى مجرد موظف غير مسموح له التغريد خارج السرب، طبعاً الجهاز الحكومي لا يحتاج لمثل هؤلاء، وانما يحتاج لمسؤول يجيد التحرك داخل الصندوق، قادر على دفع باقي عناصر الفريق لدعمه في تحقيق الانجاز الهدف.

في مبارتين تكتيكيتين للعجوز الارجنتيني "كوبر" مع منتخبنا الوطني، عادل في واحدة وخسر الثانية، افتقدنا فيهما للاعب مهاري يجيد التعامل مع الكرة داخل الصندوق

نعود إلى أجواء المباراة - ولو ان حديثنا ليس رياضي - مهارة خريبين ليست في تسجيل الهدف من مساحة ضيقة وحسب، وانما في إدارة حركة الكرة، فبعد أن تمكن لاعب خط الوسط محمود الأسود على ما أظن من الحفاظ على الكرة التي كادت أن تضيع منه، مررها إلى لاعب آخر الذي بدوره بذل جهداً كي لا تضيع منه ويهدر جهود زميله، الكرة مرت إلى لاعبين آخرين قبل أن تصل خريبين الذي كان يتحرك بدون كرة، ويخلق المساحات لنفسه ولزملائه، وعندما وصلته الكرة اول مرة مررها بلمسة واحدة للمهاجم إبراهيم هيسار، التمركز الصحيح لخريبين داخل منطقة الجزاء ساعده على استقبال الكرة التي أعادها هيسار إليه، ثم بالخبرة والمهارة والجرأة سدد وسجل.

تقول الحكومة في غير مناسبة إن هدفها هو تحسين معيشة المواطن وفق الإمكانات المتاحة، أيضاً الجهاز الفني الاداري للمنتخب واللاعبون يقولون إن هدفهم الأول هو إسعاد الجماهير، وبعد مبارتين تكتيكيتين للعجوز الارجنتيني "كوبر" مع منتخبنا الوطني، عادل في واحدة وخسر في الثانية، وافتقدنا فيهما للاعب مهاري يجيد التعامل مع الكرة داخل الصندوق، ربح الثالثة بهدف يتيم أمام فريق مستواه الفني متواضع مقارنة ببقية الفرق، لكن الهدف أو لنقل الإنجاز التاريخي تحقق، الجماهير اليوم سعيدة وسعيدة جداً، وبالتالي يصيح الخروج في الأدوار الإقصائية أقل قساوة وأكثر تقبلاً من الجمهور.

كل ما فعلته الحكومة الحالية التي تسلمت مهامها منذ نحو أربع سنوات هي محاولة إدارة العجز بالعجز، والنقص بالنقص، والانكماش بالانكماش، والفقر بالإفقار

تحتاج الحكومة الحالية اليوم لإنجاز قريب من هذا الإنجاز، مسألة تحسين معيشة المواطن تحتاج إلى جرأة في المقام الأول، بمعنى أنها تحتاج إلى مسؤولين مهاريين جريئين ومقنعين، يخلقون لنفسهم ولزملائهم المساحات، يمررون الافكار فيما بينهم، يجتهدون في تطبيقها، الإدارة التكتيكية للموارد المتاحة أمام ظروف ما بعد الحرب الصعبة، لم تحصن الاقتصاد ضد هجمات التضخم، وبالتالي لم تسلم جيوب المواطن من موجات الغلاء، كل ما فعلته الحكومة الحالية التي تسلمت مهامها منذ نحو أربع سنوات هي محاولة إدارة العجز بالعجز، والنقص بالنقص، والانكماش بالانكماش، والفقر بالإفقار، عندما يدافع أعضاء هذا الحكومة عن فترتهم، يقولون: "لو لم نفعل ما فعلنا، لكنا اليوم نتحدث عن انهيارات اقتصادية ومعيشية أقسى بكثير مما وصلنا إليه"، ألا تبرر الجهات الحكومية في كل مناسبة ترفع فيها سعر مادة أو خدمة، أنها بذلك تضمن استمرار تقديمها؟، ما فائدة أن يتوفر الدواء في الصيدليات، في حين لا يتوفر ثمنه في جيب المريض؟، سيموت على أية حال!.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني